كثيرا ما نسمع إحدى الزوجات وهي تردد: «زوجي نكدي ويبحث عن النكد»، لكن آراء مثل أولئك الزوجات حول أزواجهن النكديين تختلف باختلاف وجهة نظر كل منهن، تبعا لظروف وطبيعة تفكيرها ومعايشتها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من هو الزوج النكدي؟ هل هو من يبحث عن النكد مثيرا المشاكل حول أتفه الأمور الحياتية؟ أم أنه ذلك المكتئب العبوس صاحب التكشيرة الذي لا يبتسم حتى تجاه أكثر المواقف المضحكة، ولم تر زوجته أسنانه منذ أن تزوجته؟
هل النكدي هو الزوج الصامت الذي يضع «بلاستر» على فمه رافعا شعار «لا للكلام»، فلا يحب أن يتحدث معه أحد سواء كان الحديث يعنيه أو لا يعنيه، معلنا حالة من الكآبة؟ أم تراه الرجل البخيل ماديا ومعنويا؟ من هو النكدي في عين حواء الزوجة الباحثة عن حياة مستقرة بعيدة عن المشاكل والنكد؟
عندما يدخل الزوج النكدي بيته تجد تحيته الصراخ، والأولاد في حالة هوس وتوتر يركضون هنا وهناك، لا يعلمون ما يفعلون حتى لا يثيروا غضب هذا الأب، والزوجة تهرول مسرعة تجاهه مهللة بالسلام والدعاء له بالعافية. ورد فعله على هذا الدعاء يكون بسؤالها عن الطعام وما أعدت له، والويل كل الويل إن لم يكن طعامه كما يشتهي، عندها يصرخ ذلك الزوج النكدي معلنا الحرب على أهل المنزل فارضا حالة النكد.
ربما تكون هذه هي صورة الزوج النكدي الذي صورته لنا الأفلام، باعتبار أن الرجولة لا تكون إلا بالصراخ وإصدار الأوامر والتعليمات.. ولن يصبح «سي السيد» إلا بذلك. هل ظل النكد كما هو بهذه الصورة في وقتنا الحاضر؟
إن الرجل في المجتمع العربي يميل إلى النكد باعتباره صفة من صفات الرجولة.. فهو يعتقد أنه كلما كان قاسيا وشديدا على زوجته والأولاد شعر برجولته وكيانه. ولعل أهم أسباب ذلك تعود إلى التربية الموروثة جيلا بعد جيل وتكرس مفاهيم أن الرجل هو من يحكم وهو من يملك القرار النهائي.. ولهذا وعلى الرغم من كل ما وصلنا إليه من تطور وتغير في التفكير ومشاركة المرأة للرجل فإن الرجل بقي في داخله رواسب حول صورته التي يستمد منها القوة والعنفوان مازجا بين الجدية والنكد الذي به من وجهة نظره الرجولة والقوة والقدرة على السيطرة على بيته وزوجته وإلا فان الأمور ستفلت من يديه.
عن أسباب ميل الأزواج إلى النكد تقول الباحثون الاجتماعيون:
إن الرجال بشكل عام عندما يتزوجون وينجبون تصبح أمامهم مسؤولية كبيرة تجاه الأسرة، وكلما عجزوا عن تسويتها أو إيجاد الحلول للصعوبات التي تواجههم خاصة المادية، مالوا أكثر إلى التفكير لإيجاد الحلول لمشاكلهم مما يجعلهم يظهرون بشكل نكدي حيث أن كلامهم قليل وغالبا ما يميلون إلى الشرود الذهني والانعزال عن الناس نتيجة غرقهم في المشاكل التي يواجهونها ومحاولاتهم حلها.
أما الرجل الذي في بداية حياته يميل إلى النكد فذلك يعود في الغالب إلى نشأته منذ الصغر حيث يكون قد تربى في بيئة ترى الأبيض أسود والعكس، وجعلت منه شخصا يميل إلى التشاؤم أكثر منه إلى التفاؤل وتصبح طبيعته الغالبة في التعامل هي النكد.
كذلك ربما يتعرض الزوج في حياته لمشاكل زوجية خصوصا إذا كانت زوجته من النوع الحساس أو الذي يدقق في كل شاردة وواردة أو من النوع الذي يثير المشاكل بسبب أو من دونه.. كل هذه الأمور تجعل الزوج يواجه واقعه بافتعال النكد والمشاكل للقضاء على نكد زوجته لأنها عندما تراه ثائرا تخمد ثورتها النكدية وتحاول أن تتقي شره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق