متى يكون الطلاق هو الحل الوحيد؟؟؟
أكثر من ثلثي الزيجات التي تحدث في العالم تنتهي بالطلاق والانفصال بين الزوجين ، فعندما تصبح الحياة الزوجية المشتركة مستحيلة ويصعب التعايش والتفاهم بين الزوجين ، وتفشل الوساطات ومحاولات الصلح والتقريب بين الآراء ورأب الصدوع المتشققة وعندما يصعب على الجروح ان تلتئم وللاهانات ان تنتهي ، يصبح الطلاق أمرا حتميا لا بد منه وأفضل قرار للطرفين ، رغم أنه أبغض الحلال عند الله ، وأمر محرم في بعض الشرائع السماوية كالديانة المسيحية لمخلفاته وُاثاره السلبية التي يتركها هذا الانفصال على حياة الزوجين المنفصلين والأبناء ان وُجدوا ، وعلى المجتمع بصورة عامة .
ما هى أسباب الطلاق ؟
حتى أجمل قصص الحب والعشق قد تنتهي في يوم من الأيام لأن المشاعر متغيرة وغير مستقرة وكذلك ظروف الحياة وتصاريف الزمن والبعد والهجر والفراق والمشاكل المستمرة قد يحولون تلك المشاعر الدافئة والرومانسية الى مشاعر باردة متسربلة بالتجاهل والكره والعداء .
فكيف نفسر تصاعد نسبة الطلاق ؟
هناك طفل من بين كل اربعة اطفال يعيش مع أحد أبويه ، حيث كثيرا ما تحدث المشاكل بعد ولادة ابن جديد نتيجة الصعوبات المادية وكثرة المصاريف ، ويكون الطلاق هو المتيجة المنطقية والحتمية لذلك ــ
وحسب الدراسات تكون نسبة الطلاق في الحاضرة والمدينة أكبر بكثير من نسبته في الريف او البادية او القرية ، لأن نسق الحياة في المدينة أسرع والضغوطات النفسية أكثر والأعباء المادية من شراءات ومصاريف أعلى ، وهذا من شأنه أن يؤثر على حياة الشريكين بصورة سلبية ، خصوصا اذا لم تكن هناك مقدرة مادية ومعنوية على تحمل تلك الصعوبات خاصة اذا علمنا أن أغلب المنفصلين هم من شريحة الشباب وبداية الكهولة ( مابين 29 و 40 ) ويفتقدون لجانبي الخبرة والحنكة في التعامل مع الوضعيات الصعبة ، ولافتقارهم النضج لكافي للنظر للأمور بعقلانية وتروى بعيدا عن التسرع والتهور والتفرد بالقرارات .
هل يمكن أن نتوقع مدة وأمد الزواج ؟
ان الأزواج الذين يتخاصمون دائما والذين يصبحون على عراك ويمسون على مشادة والمشاكل هي خبزهم اليومي ، لهم استعداد أكثر من غيرهم على اتخاذ قرار الانفصال ، وتكثر المخاطر بصورة جلية قبل السنة السابعة وبعد السنة الرابعة عشر .
هل أنتم متحابون وستقررون الزواج ؟ ومع ذلك تعرفون أزواجا كانوا كذلك ورغم ذلك انفصلوا ، اذن كيف لنا ان نعرف ان كان زواجك سينجح ام لا ؟
هناك دراسة أمريكية تم القيام بها مؤخرا ، ونشرت في مجلة الزواج والعائلة ، وستفيدنا في معرفة الكثير من الأشياء الغامضة في نجاح وفشل العلاقة الزوجية .
اذ تمت متابعة 80 أزواج مدة زواجهم تجاوزت الخمس سنوات ، على مدار عدة سنوات وتم استخلاص الأشياء التالية :
1- في غضون أربع سنوات 7 زواج انفصلوا عن بعض بالطلاق .
2- بعد عشر سنوات 13 أخرون لم تستمر علاقتهم مع بعضهم .
وتبين أن هؤلاء الأزواج المنفصلين عانوا من نوعين من المشاكل ، النوع الأول والذي لا يخفى على أحد هو النوع الذي يتخاصم ويتلاسن دائما والنوع الثاني ، هو النوع البارد والرتيب وجامد الأحاسيس !
وهؤلاء الزواج بطبيعة الحال لم يُخلقوا لبعضهم ولا يستطيعون التوافق والتعايش مع بعض . وكثيرا ما ينفصل النوع الأول في مدة لا تتجاوز سبع سنوات أما النوع الآخر ، أي الأزواج الذين تتسم علاقتهم بالبرود عادة ما ينفصلون في المرحلة الثانية ، أي بعد السنة الرابعة عشر ...
لعبة الحب او لعبة الأقدار ؟
ان العلاقات الانسانية لا تخضع لقوانين علمية عامة ولا يمكن توقعها لأنها ذاتية وغير مستقرة وثابتة وتختلف من شخص الى آخر وتتداخل فيها عدة عوامل لا يمكن حصرها بصورة علمية ومنهجية دقيقة ، رغم أن هناك بعض المحاولات الجادة لتكميمها وتكييفها ورصدها ودراستها بصورة علمية مدروسة لرصد العديد من الحقائق واستخلاص النتائج . وحسب الكثير من الدراسات المطولة والتي استغرقت أمدا طويلا وشملت العديد من الأزواج ورصدت كلامهم وأفعالهم وردود أفعالهم وانفعالاتهم المختلفة والدقيقة ، تبين أن أهم سببين لحدوث الخلافات هما المال والجنس .
كما تبين أن هناك 3 أنواع من الأزواج لهم القدرة على الصمود :
وهم:
1- النوع المسالم والذي يحاول تفادي المشاكل مهما كان الثمن ، وعدم محاولة فرض رأي هذا على ذاك .
.
2 - النوع المغرق في الحب ، وهم أزواج عاشقون لبعضهم كثيرا رغم ان الخلافات قد تحدث بينهم من وقت الى آخر .
3 - النوع الثالث هو ما يسمى بالقبعات الزرقاء ( تشبيها للعاملين في قوات حفظ السلام التابعة لمنظة الأمم المتحدة ) ، بما أن كل طرف يسعى الى الاستماع للآخر ويحترم وجهة نظره ، ونادر ما تحدث بينهم الخلافات .
وأكد الكثير من الأخصائيين والباحثين أن المشاكل كثيرا ما تحدث مع الأزواج الذين تختلف طبائعهم وشخصياتهم ، كمثل زوجة ذات لسان طويل وتميل للخصام وزوج مسالم يحاول التهرب منها والعكس صحيح كذلك .
كما يحدث الطلاق كنوع من الهروب والتنصل من المسؤوليات الكثيرة والمتزايدة في آن ، كالقيام بالشؤون المنزلية ومصاريف المنزل ونفقات العائلة والاهتمام ورعاية الأطفال ، والواجبات الأخرى التي لا مناص منها مما قد يحدث الملل والسأم في نفس الزوجين أو أحدهما . ويبدأ هذا الهروب باهمال هذه الواجبات وعدم القيام بها على الوجه الأكمل فالزوج قد يهرب الى المقاهي ويفرغ شحناته العصبية والنفسية في لعب الورق او مع الأصدقاء والزوجة تصبح غير مبالية وغير مهتمة بواجباتها وتقضي كثيرا من الوقت مع صديقاتها او في منزل والديها .
انهيار الأحلام الوردية وصدمة الواقع
كثيرا ما يبني الأزواج في مرحلة ما قبل الارتباط ( الخطوبة ، التعارف ) قصورا من الأحلام الوردية والخيالية والتي ليس لها نصيب من الواقع وغير قابلة للتحقيق . ويتعمد احدهما او كلاهما اخفاء الكثير من الحقائق وتضخيم الايجابيات والتنقيص من السلبيات بصورة غير واقعية ، بل الكثير منهم يكذبون على بعضهم ويزيفون مشاعرهم ، لكن وبعد الزواج وبعد انتهاء شهر العسل ، تنكشف الأقنعة ويظهر الوجه الحقيقي لكل منهما ويتعرفا على العادات السيئة والعيوب والقبيحة والمساوئ الدميمة لكليهما ، وقد يُصدم هذا الشريك و ذاك من الصورة الواقعية للشريك الآخر والمغايرة لما كان يعتقده أو يرسمه في خياله . فذلك الشاب الوسيم والرومانسي والحنون قد تحول الى وحش ضاري عبوس وعنيف جدا ويغضب لأبسط الأمور ، وتلك الفتاة المهذبة والخجولة تحولت الى فتاة شمطاء وحية رقطاء بلسان طويل ووقاحة ليس لها مثيل !
وهذا لا يعني أن كل الأزواج تعساء وينصدمون لواقع الحياة الزوجية ، بل كثيرا ما تكون الصدمة ايجابية فيتعرفا على ميزات وخصال أخرى في شخصييتهما ويتوطد الحب في قلبيهما .
الجنس عامل هام في استقرار العلاقات الزوجية
ان الهدف من الزواج هو الاستقرار وبناء عائلة وكيان وتوطيد العلاقة العاطفية مع الشريك الآخر . والعلاقة الجنسية الناجحة من أهم شروط هذا التوازن وتعمق الأحاسيس وتوثق الصلة وتؤكد الحب في قلوب الزوجين وتبعث السعادة والاطمئنان في نفس الزوج والزوجة ، لكن فشلها في المقابل قد يكون له عواقب وخيمة على استقرار العلاقة ويضعها في دائرة الشك والخلافات . ولو تتبعنا أسباب حدوث الطلاق بين الأزواج لوجدنا الجنس في طليعة القائمة لأن نجاحه أو فشله يؤثران بطريقة كبيرة على مستوى وطبيعة العلاقة بين الشريكين . فالكثير من الأزواج غير سعداء مع زوجاتهن لأنهن باردات جنسيا وغير قادرات على اشباع رغباتهم بالصورة المطلوبة ، لعدة أسباب يطول شرحها ، فيبحثون عن نساء أخريات قادرات على التفاعل معهم وارضاء شهواتهم . ونفس الشيء بالنسبة للمرأة اذا لم تجد زوجا يلبي شهواتها ورغباتها ، وتكون المصيبة أكبر والوقع أسوأ اذا كان الزوج عاجزا أو ضعيفا جنسيا ...
وهذه الأسباب من شأنها ان تدفع البعض من الأزواج الى طلب الطلاق للضرر ، او الخيانة الزوجية أو في أحسن و أمر الحالات الى التعاسة الأبدية ...
أسباب أخرى
من بين الأسباب الرئيسية لتفاقم ظاهرة الطلاق :
*الأزمات المادية وضعف مستوى الدخل للرجل او عدم قدرته على تلبية حاجيات ومتطلبات الأسرة وعيالة أطفاله خاصة اذا كبرت مصاريف الأسرة وكثُر عدد أفرادها ، مما قد يضطر رب الأسرة للتداين والاقتراض من البنوك والأصدقاء ، وهذا من شأنه أن يزيد من حجم الضغوطات النفسية على الزوج والزوجة على حد السواء وتكثر خلافاتهم نتيجة لذلك ، لاسيما اذا انعدمت الثقة وغاب الصبر وانهارت القدرة على التحمل ومواجهة الصعوبات .
*كما نذكر الخيانة الزوجية كعامل هام في تزايد نسبة الطلاق ، فكم من زوج ازوجة خُدعوا من شركاء حياتهم ، واكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين ومظللين ومغمضي الأعين ، فالانسان قد يغفر كل شيء الا ان تُمتَهَنَ كرامته ويُدَاسُ عليها ويخدع من شخص أعطاه كل شيء ومنحه ثقة عمياء ووهبه حبه وحياته . وهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة انتشرت كثبيرا ولا تخلو قاعة من قاعات المحاكم من قضاياها اليومية وأسباب الخيانة عديدة ، منها البحث عن المتعة الجنسية وارضاء النزوات الرخيصة والطمع المادي والوقوع في الحب مع شخص آخر ...
*ومن الأسباب كذلك تدخل العائلة في حياة الزوجين بطريقة سافرة والتبعية الكبيرة لتوجيهات الوالدين والسماح لهم بحشر أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة وفي كل التفاصيل ، وهذا كفيل بأن يخلق مشاكل وصراعات وحزازيات بين العائلة من جهة والزوج او الزوجة من جهة أخرى ، كما أن ضعف شخصية الزوج و الزوجة يترك المجال لكل من هب ودب في التدخل في شؤون الأسرة ، وان كثرت الآراء والتوجيهات وغاب الربان غرقت السفينة ...
وربنا يصلح الاحوال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق