الرحلات المدرسية كسر لجمود المناهج وربط للطالب ببيئته ومجتمعه

الرحلات المدرسية كسر لجمود المناهج وربط للطالب ببيئته ومجتمعه

بشرط ألا تتحول لمجرد التسلية وإضاعة الوقت
الرحلات المدرسية كسر لجمود المناهج وربط للطالب ببيئته ومجتمعه


تحقيق: إيمان سرور

تعد الرحلات المدرسية أحد الأنشطة الفاعلة في تطبيق مفهوم المنهج الحديث، كونها وسيلة معززة لمبدأ التعلم الذاتي والتعلم بالملاحظة المباشرة، وإدراك العلاقات بين مكونات البيئة، وهي وسيلة تعليمية وتربوية ناجحة اذا أجيد استخدامها وتوجيهها وفق برامج علمية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار ألا تتحول إلى مجرد رحلات ترفيهية خالية من الأهداف.

يقول محمد سالم الظاهري مدير منطقة أبوظبي التعليمية إن دور الرحلات العلمية المدرسية يبرز في أنها تعد وسيلة تعليمية تطبيقية فهي تطبق على الواقع وتثبت ما يتلقاه الطالب من دروس نظرية وتتيح الفرصة له كي يتعلم مباشرة من المكونات البيئية لاتصاله المباشر بالظواهر الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، كما انها تنمي حاسة الملاحظة وتفتح آفاقاً جديدة أمام الطالب للتعمق في البحث والدراسة، وتسهم في تقوية العلاقات الطيبة بين الطلاب وتكسبهم مهارات اجتماعية عديدة، مشيراً الى انها تهدف الى زيادة ارتباط الطالب بوطنه من خلال التعرف إلى مناطقه المختلفة على اختلافاتها وصفاتها وما تتضمنه من آثار ومواقع سياسية ومنشآت اقتصادية، مشيراً إلى ان الرحلات تسهم في تركيز المعارف الجغرافية للتلاميذ في مرحلة مبكرة يمكن ان تكون الذخيرة العملية والعلمية لكثير من المعارف المستقبلية.

وأشار الى انها جزء من المنهاج المدرسي له قيمته وأهميته التربوية فهو نشاط محبب لدى جميع الطلاب، كما أن للرحلات المدرسية دوراً مهماً في بناء الشخصية الاجتماعية للطالب وتعريفه بتاريخ وطنه وجغرافيته وإنجازاته، وكذلك في الترفيه عنه ولذا فهي جزء من برنامج المدرسة التعليمي.

ويقول خلفان عيسى المنصوري مدير منطقة الغربية التعليمية ان دور الرحلات العلمية المدرسية يبرز في انها تعد وسيلة تعليمية تطبيقية على الواقع تثبت ما يتلقاه الطالب من دروس نظرية وتتيح له الفرصة كي يتعلم من المكونات البيئية لاتصاله المباشر بالظواهر الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، وتنمي حاسة الملاحظة وتفتح آفاقاً جديدة أمام الطالب للتعمق في البحث والدراسة، كما انها تسهم في تقوية العلاقات الطيبة بين الطلبة وتكسبهم مهارات اجتماعية عديدة، مشيراً الى انها تثير خيال الطالب وتنمي قدرته التعبيرية وتكشف عن مواهبه وامكانياته الخاصة وتوثق العلاقات بين الطلاب ومعلميهم وتوثق الصلة بين المدرسة ومؤسسات المجتمع المحلي.

وأضاف ان الإدارة المدرسية الواعية تلعب دوراً أساسياً في ترجمة أهداف الوزارة وبرامجها وأنشطتها، حيث إنها تقنع المعلمين بأهمية الرحلات المدرسية سواء الترفيهية أو العلمية أو الرياضية خاصة وانه يوجد بين اوساط هؤلاء المعلمين من يعتقد ان الرحلات المدرسية مضيعة لوقت الطالب ويركزون على "الطبشور والسبورة" ولا يقبلون أي تغيير في الأساليب التربوية الحديثة.

وذكر ان الرحلات الهادفة تكسر جمود المناهج خاصة وأنها ذات صلة باهتمامات وميول وحاجات الطلاب، لافتاً الى ضرورة ان تحقق الرحلة في نهاية المطاف أهدافها التربوية خاصة اذا اتصفت بالتنظيم والتخطيط والاشراف الجيد.

ويقول صديق فتح علي آل خاجة عضو المفوضية الكشفية كشافة الإمارات، رئيس مجلس إدارة مفوضية ابوظبي سابقاً إن الرحلات الكشفية تلعب دوراً تربويا بين اوساط طلبة المدارس وتعودهم على الاعتماد على النفس والنظام والترتيب واحترام الوقت وتحمل المسؤولية وتمكنهم من اكتساب العديد من المهارات القيادية داخل مدارسهم نتيجة ما يوكل إليهم من مهام، كما أن الرحلات الكشفية تسهم في غرس العديد من القيم والاتجاهات الايجابية وتساعد الطالب في وضع تصوره عن مستقبله العلمي والعملي، وتتيح الفرصة لتعرفه إلى الكثير من انجازات الدولة فتقوى لديه مشاعر الولاء والانتماء والاعتزاز بوطنه وأمته.

وأضاف أن الرحلات الكشفية تعود الطالب الاعتماد على النفس والصدق والأمانة والعمل التطوعي النبيل ومساعدة الضعيف والفقير واحترام الوالدين وكبار السن.

وأشار الى ان جمعية كشافة الإمارات تنتقي أعضاءها من طلبة المدارس، مشيراً إلى ان وظيفة المدرسة لم تعد مقصورة على مجرد تلقين التلاميذ مجموعة من المعلومات التي لا ترتبط بواقعهم ولا تهيئهم لممارسة أدوارهم في الحياة كمواطنين عاملين منتجين وانما تغيرت أهداف المدرسة وأصبحت مؤسسة تربوية لإعداد المواطنين المدربين على اكتساب خبرات جديدة يتطلب المجتمع توفرها فيهم، بالاضافة الى ضرورة ادراكهم للأهداف والمثل العليا والاتجاهات التي تتفق مع الفلسفة القومية والاجتماعية والاقتصادية التي يدين بها المجتمع وعن طريق مجموعة المهارات والقيم والاتجاهات والمثل هذه فإنه يمكن ان تتوافر في الطالب صفات المواطن والانتماء.

وتقول نادية فواز رئيسة شعبة الرحلات المدرسية بوزارة التربية والتعليم ان الرحلات تربط الطلبة ببيئتهم وتشجعهم على ارتياد هذه البيئة ودراستها وتساعدهم على امكانية التعامل معها من منطلق الحب فيحسنون استغلال مواردها ويحرصون على صيانة امكاناتها ويتجنبون كل اهدار أو إفساد أو استنزاف لثرواتها ويشتركون بنصيب ايجابي في حل مشكلاتها ويقبلون عن وعي وعن علم وبصيرة لرفع مستوى الحياة فيها.

وأوضحت أن الرحلات تهيئ للناشئة والشباب فرص الاستمتاع والمخاطرة والاكتشاف وتعودهم على الاحتمال والصبر على الشدائد والثقة بالنفس، كما انها تتيح للطالب التعرف إلى بلاده خاصة إذا كان لا يستطيع الذهاب الى مناطق نائية بمفرده أو مع أسرته، مشيرة الى ان الرحلات الترفيهية أو العلمية والكشفية تحقق القيم التربوية والاجتماعية والثقافية التي تسعى اليها الوزارة والمجتمع.

وقالت ان من بين الرحلات المدرسية أثبتت الحركة الكشفية والارشادية انها أسلوب تربوي يعد النشء لحياة متزنة فاعلة ويحقق للمجتمع أهدافه في تقديم جيل صالح يؤمن بالله ويثق بنفسه وبعروبته ويعتز بأداء واجباته لنفسه وصالح مجتمعه، مشيرة الى ان الحركة الكشفية والارشادية في الوقت نفسه طريفة شائقة في التربية والتعليم تعتمد على فاعلية الناشئة وتنمي فيهم الرغبة في النشاط والعمل والانتاج وتهذب طبائعهم وميولهم وتكسبهم الكثير من المهارات العقلية والاجتماعية الحركية واليدوية كالمهارات التي يحتاجون اليها في حياتهم العملية، حيث يتم التعلم فيها من خلال الممارسة الفعلية ليشبوا قادرين على مقابلة الحياة بمهارة وعزيمة، وجلد وابتسامة.

كما ان الرحلات الكشفية تتيح الفرصة لتأكيد العلاقات الشخصية وتوفر الأنشطة المتميزة التي تتحدى القدرات وتفي بحاجات الأعضاء وطاقاتهم وتحسين الصحة واللياقة البدنية وزيادة المعلومات والخبرة في المجتمع المحلي والكبير وتشجيع وتقدير حياة الخلاء وتوفير الفرص لممارستها وتوفير فرص التدريب لخدمة وتنمية المجتمع، وتشجيع الهوايات الفردية والميول والمهارات بما ينمي الاحساس بالانجاز الفردي، واتاحة الفرص للسلوك القويم عن طريق الاهتمام بالآخرين وتفهم قدرة الخالق عز وجل وعظمته.

وأكد عدد من أولياء الأمور أهمية الرحلات المدرسية والمسابقات العلمية التي تنظمها الوزارة سنوياً لطلبة المدارس وضرورة ان تتخذ إدارات المدارس كل الاجراءات التي تضمن راحة وسلامة الأبناء المشاركين في تلك الرحلات سواء العلمية والترفيهية أو الكشفية.

وقال علي أحمد عبدالله الشقاع رجل أعمال إن الرحلات المدرسية الناجحة يجب ان يحرص منظموها على الاشراف الجيد وحسن اختيار العناصر الفعالة بالاضافة الى التنظيم والتخطيط الكافي قبل القيام بها حتى لا تفشل في تحقيق هدفها التربوي والتعليمي وتفقد ثقة أولياء الأمور بإدارات تلك المدارس أو المشرفين المنظمين للرحلة، الأمر الذي ينعكس سلباً في السماح لأبنائهم بتكرار الرحلة والمشاركة في الفعاليات المختلفة خارج أسوار مدارسهم أو مناطقهم التعليمية.

وذكر ولي الأمر ان بعض إدارات المدارس يكون تنظيمها للرحلة عشوائياً ويتم بشكل فردي من دون استشارة المعلمين وتبادل الآراء ما إذا كانت الرحلة ستحقق هدفها التربوي، متناسين ان نجاح المدرسة في اعداد وتنظيم الرحلة ليس عملاً فردياً بل تعاون جماعي يسهم في تحسين مستوى الرحلة وتحقيق أهدافها المرجوة.

وأشار علي محمد منصور المنصوري متقاعد في وزارة الخارجية ولي أمر ان الآباء يصل الى مسامعهم أن ابناءهم الصغار قضوا معظم وقتهم خلال الرحلة محشورين في حافلات النقل أو في الحدائق وأماكن التسلية والملاهي والأسواق العامة بعيداً عن ملاحظة واهتمام مشرفي الرحلة، ورعايتهم ومتابعتهم للصغار، كما ان بعض أولياء الأمور يلمس انه ليس هناك من اضافات جديدة لخبرات أبنائهم أو اثارة أفكارهم وابداعاتهم، ناهيك عن بعض الممارسات الخاطئة من قبل بعض المعلمين والمشرفين في اختيار برامج لرحلات هادفة ومخطط لها مع إدارة المدرسة واتخاذ كل الاجراءات النظامية التي تكفل نجاح الرحلة المدرسية وتحقيق أهدافها التربوية والتعليمية، لافتاً إلى انه على الرغم من ضرورة الحفاظ على ممارسة اللعب بالنسبة للأطفال الصغار فإن الهدف يطغى على الهدف الأبعد والمتمثل في تعريفهم على حضارة بلدهم وتاريخهم، الأمر الذي يزيد ارتباطهم الوطني بعيداً عن المحاضرات والدروس النظرية.

وذكر احد اولياء الامور ان الرحلات المدرسية غالباً ما تركز على مناطق محددة ويتناسى المشرفون عليها كثيراً من المواقع بسبب البعد أو المعرفة المسبقة لها، فيما يفترض العمل على تأمين زيارة التلاميذ الى جميع المناطق في مختلف انحاء الدولة، وذلك من خلال وضع خطط منظمة لدى وزارة التربية والتعليم والمناطق التعليمية وتسمح بإقامة رحلات ناجحة للوصول الى مواقع لم يسمع بها الأبناء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق